أمارة

الرسم يقولُ كلّ شيء

psot image

إنّه لأمرٌ صعب أن تكون غير موهوبًا وحزينًا. كيف ستعبّر عن نفسك؟ كيف ستُخرِجُ الألم من قلبك على أقلّ تقدير بدل تحويله إلى راحة؟ ربّما هذا ما كنت أشعر به خلال جائحة كورونا. كانت فترةً صعبةً وخانقة. وكنتُ أّكبُرُ وأتغيّر. كان لديّ الكثير لأقوله، وأعبّر عنه أو اعترض عليه إذ صارت الحياة أكثر جِديّة في سنّ الرابعة عشرة.
خلال هذا السنّ، وتلك الفترة، وداخل كل هذه التغيّرات صرتُ أرسم. كنت أرسم اختلاجاتي ومشاعري على أيّ شيءٍ أجده: أغلفة الدفاتر، قصاصات الورق، حتى على الفراغات الصغيرة المتبقيّة من دفاتري القديمة. لم أكن الوحيدة السعيدة باكتشاف نفسي في عالم الرسم، بل عائلتي كانت أكثر ابتهاجًا. تلك الرسّامة المبتدئة التي كُنتها كانت ترسم البسمة على وجه عائلتها مع كلّ شعور تفرّغه.

إضافةً إلى أهلي، هناك من احتفى برسمي. كان المصوّر محمّد الهزّاع في زيارة لمخيّمنا حين سأل عن الأطفال ذوي المواهب، وصوّر رسوماتي ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي. بعد فترة نسيتُ الحادثة، ولم أعلّق آمالًا عليها، إذ إنّه سينسى كما نسينا الآخرون.

كنت مخطِئة، لم ينسَ هزّاع؛ كما اعتدنا أنّ نناديه لاحقًا؛ أمري. بل تواصل معنا ليخبرني أنّ “مركز إبداع” ينتظر موهبتي. وأنّني سأتعلّم وأجد بالمركز كل ما ينقصني. وبالفعل انضممت، وبدأتُ بتعلّم الرسم كالفنّانين الحقيقيّن. بعد أن فقدتُ منزلي، وجدتُ في مركز إبداع “شعور المنزل” لِمَ فيه من حبّ واهتمام.

صرتُ أرسم على دفاتر الرسم، والألواح، والكانفاس، وأستخدم ألوانًا عديدة. كانت رسوماتي غامضة وقاتمة، تعبّر عن الحزن أكثر من أيّ شعور آخر. لكنّها الآن غَدَت أكثر ألوانًا وانسيابيّة. ليس لأنّني تعلّمتُ الرسم في المركز وحسب، بل لأنّني تعلّمتُ التفاؤل.

أحلمُ أن أصير عالمة كيمياء. أفضّل هذه المادّة في المدرسة، وأدرسها بجدّ. لذا سأصير عالمة كيمياءٍ رسّامة، تُجيد التعبير عمّا بداخلها. ومن يدري؟! ربّما أخترع ألوانًا بمركبّاتٍ كيميائيّةٍ جديدة، وأرسم لوحاتٍ عالميّة.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *